الموضوع [ 4237]

القبطان سحر.. إماراتية تقضي 1300 ساعة بين الأمــــواج

أم لـ 3 أبناء تعشق دفّات السفن وتتحدّى غدر البحار





الامارات اليوم  29 أغسطس 2018

خلف دفّات السفن، تمضي سحر راستي، القبطان الإماراتية، أياماً طويلة،وفوق أمواج البحار قضت ساعات عمل تجاوزت الـ1300 ساعة، ولم يُنسِها شغفها بأسرارتلك المهنة وتحدياتها، مسؤوليات منزلها، إذ تحرص سحر (الأم لثلاثة أبناء) علىرعايتهم، وعلى أن يشاركوها في هواياتها المختلفة.

سحر أول مواطنة تعمل في المجال الميداني بشركة أبوظبي للخدماتالملاحية (سفين)، التابعة لموانئ أبوظبي، وتمكنت من اجتياز برنامج تأهيل قباطنةلسفن تحت 24 متراً، وتمكنت خلال ستة أشهر من الإبحار لأكثر من 1300 ساعة، كما أنهاأول إماراتية تجتاز دورة القانون الدولي للمساعدات والمناورات البحرية للمستويينالأول والثاني بالشرق الأوسط.

بداية الرحلة

عن رحلتها في عالم السفن والبحار، تقول راستي لـ«الإمارات اليوم»:«لقد كانت البداية في عام 2015 عندما بدأت عملي بموانئ أبوظبي بمنصب مساعد إداري،ثم انتقلت لمهمة منسق الخدمات الملاحية لأكون أول إماراتية تعمل في هذا المجال»،مضيفة: «عشقت عالم السفن، ومع كل يوم يمر عليّ يزداد شغفي بالمهنة، ويتولد بداخليتحدٍّ كبير لأتعمق أكثر في هذا المجال، واكتشاف كل أسرار الملاحة البحرية من سبلالإبحار وأحجام السفن، وكيفية طفوها فوق سطح البحر، وفنون قيادتها، والقوانينالبحرية التي يتم اتخاذها لسلامة حركة الملاحة البحرية».

وتكمل: «حرصتُ على التدريب لأشهر عدة، ويوماً بعد آخر اكتسبت المزيدمن المهارات، التي جعلتني أتعرّف الى كل شيء بالسفينة، وكيفية استخدامها، وامتلاكمهارات التعامل مع حالات الطوارئ باحترافية».

تحديات المهنة

وعن أهم التحديات التي واجهتها، تقول سحر: «أعشق هذه المهنة، ولا أشعربأن هناك فارقاً بين الرجل والمرأة لممارستها، فالتحديات التي تواجهنا معاً واحدة،وفي مقدمتها غدر الأمواج، لذلك نحرص على متابعة النشرات الجوية لمعرفة أحوال الطقسخلال الـ72 ساعة المقبلة أثناء الإبحار».

وحول الشعور الذي انتابها عند تجربتها الأولى مع البحر؛ تشير إلى أن«المهمة كانت حافلة بالتحديات، وبمرور الوقت، سرعان ما تغلبت عليها، وعلى مشاعرالتردد والخوف لتحلّ محلها رغبة حقيقية في التعمق أكثر في هذه المهنة، واكتشاف كلجوانبها وأسرارها»، لافتة إلى أنها «لا تنسى الموقف الذي مرت به في بدايتها عندماكانت بعرض البحر وواجهتها رياح شديدة أثناء الإبحار، ما تسبب في صعوبة السيطرة علىالسفينة بسبب ارتفاع وقوة الأمواج التي ضربتها من جوانبها كافة، لكنها استطاعتالخروج من التجربة بسلام، وكان هذا بمثابة الدرس العملي الأول لها في تعلّم فنونالحيطة والحذر».

ونجحت القبطان الإماراتية في تخطّي تلك الصعاب من خلال التمتع بأعلىدرجات الهدوء والثقة والإتقان لتنفيذ مهامها على أكمل وجه، ومراعاة توفير عناصرالأمن والسلامة لجميع طاقم وركاب السفينة للوصول بهم إلى الوجهة المطلوبة، بجانبالتمتع بالقدرة الذاتية للملاحة البحرية وقراءة الخرائط الملاحية الورقيةوالإلكترونية، والتحلي بسرعة البديهة في اتخاذ القرارات والاستجابة الفورية التيلا تعرف التردد في حالات الطوارئ، ومراعاة تطبيق جميع القوانين الملاحية للإبحاروالالتزام بمعايير السلامة الدولية لسلامة النقل البحري، حسب تعبيرها.

شغوفة بأدق التفاصيل

قادت سحر راستي أنواعاً عدة من السفن، إلا أنها عملت على نوعينأساسيين، هما «القاطرة البحرية التى تساعد السفن الكبيرة في الدخول والخروج منوإلى الموانئ، بجانب سفن صيانة المساعدات الملاحية التي عملت عليها منذ عامين»،مؤكدة أن رغبتها في معرفة تفاصيل أمور الملاحة البحرية جعلتها كثيرة المطالعةواللجوء إلى رؤسائها للاستفسار عن أدق التفاصيل.

وتعزو سحر عزوف الإناث عن العمل في مهنة القبطان البحري إلى أن «هذهالمهنة تعتبر كثيرة التحديات بالنسبة للنساء، فعملنا يستوجب أن نكون في مواقعنا منالصباح الباكر، ونظل خلالها لساعات طويلة في عرض البحر، تحت أشعة الشمس المباشرةوحرارتها المرتفعة والرطوبة العالية طوال العام، بالاضافة إلى عرض دوار البحر الذييصيب النسبة الأكبر من النساء، خصوصاً ممّن لم يعتدن على ارتياد البحر»، مشيرة إلىأن هذه الأسباب جعلت بعض أفراد عائلتها يعارضون فكرة التحاقها بهذا العمل فيالبداية، ولكن إيمان والدها بقدراتها المهنية جعله يشجعها ويساندها ويحثها علىالاستمرار والنجاح. وتتابع القبطان سحر: «قد يظن البعض أنني لا أملك الوقت الكافيلأعيش حياتي الشخصية، ولكن واقعي عكس ذلك؛ فإدراكي لأهمية الوقت جعلني أُحسنالاستفادة من كل لحظة، لذلك أقسّم ساعاته بين مهام العمل الصباحية، والمساء لعائلتي،خصوصاً أنني أم لثلاثة أبناء في مرحلة المراهقة، وأدرك أهمية وجودي في حياتهم بهذهالمرحلة العمرية الدقيقة».

الأمنية.. كادر إماراتي للمساعدات الملاحية

عن أحلامها المستقبلية تقول سحر راستي: «أتمنى أن أدير مصنعاً لصيانةالسفن والمساعدات الملاحية، والتمكن من توفير فرص التأهيل والتدريب لأبناء وطني فيهذا المجال المميّز، وتكوين كادر إماراتي يدرك أهمية هذه الصناعة».

  • «أعشق هذه المهنة، ولا أشعر بأن هناك فارقاً بين الرجل والمرأةلممارستها».
  • «إدراكي لأهمية الوقت جعلني أُحسن الاستفادة من كل لحظة، وأقسّم يوميبين عملي وعائلتي».